عندما فاجأتنا التقنية الحديثة بانفجاراتها المدوية في مجال التواصل وما صنعته من انقلابات جذرية في وسائل الإعلام ذُهِلْنا من مستوى الجرأة ومستويات الطرح في مجتمعنا وخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي مما يتراوح بين أدنى درجات الإسفاف وأعلى درجات الموهبة في الكتابة والصياغة وعمق الأفكار.
جميع المجتمعات، حتى تلك التي تتمتع بمستويات قصوى من الحرية الفكرية، أذهلتها جرأة الممارسة الإعلامية الشعبية التي قد لا تكون في أحيان كثيرة منضبطة بأي قيود أخلاقية وبأي إحساس من المسؤولية، وانشغلت هذه المجتمعات في نقاشات عما يمكن فعله للتعامل مع هذه الظواهر الجديدة التي غزت العالم، والتي كان علماء المستقبليات مثل «ألفين توفلر» صاحب كتاب «صدمة المستقبل» قد توقعوها، وإن كان بدرجات مختلفة.
صار العالم، ونحن جزءٌ منه، يتعايش الآن مع ظاهرة الإعلام الجديد بأشكاله المختلفة. ولم يعد أمراً كارثياً أن يتخفى أحدُ الناس ويكتب باسم مستعار كلاماً كاذباً وغير لائق بحق شخص أو أشخاص أو قبيلة أو عائلة. فإن يُنْشَر في موقعٍ ما كلامٌ عن فلان أو علان لا يعني أن هذا الكلام صحيح سواء كان مديحاً أو ذماً، وبالتالي فليس ثمة مشكلة كبيرة في أن يتطاول شخصٌ مجهول على إنسان آخر بريء أو يفعل العكس ويمدحه بما ليس فيه.
الزمن كفيل بتوضيح كل شيء وبإصلاح كل شيء، وليس لأحد قداسة أو هو معصوم. وبالمجمل فقد انتهى ذلك الزمان الذي كان فيه للكلمة «المكتوبة» كامل المصداقية لمجرد أنها مطبوعة في كتاب أو في جريدة أو مجلة.
الجانب الجميل والمشرق في كل هذا الذي يحدث على الساحة الإعلامية والثقافية هو بروز عقول ناقدة تفكر وتتساءل ولا تأخذ الأمور على علاتها، وهذا ما كنا نتطلع إليه منذ زمن بعيد. تفجير الأسئلة، وتأمل الأجوبة، وعرضها على العقل، وتقليبها، ومقارنتها بالأجوبة الأخرى هو الخطوة الأولى والضرورية للتقدم.
لقد منح اللهُ الإنسانَ العقل وأمره بأن يستخدمه لا أن يحتقره ويُهَوِّن من شأنه. وممارسة النقد هي ظاهرة صحية تستجيب لما هو مطلوب من الإنسان وما هو مكلفٌ به، أما الشتم والتطاول وترويج البذاءات والأكاذيب فليس من النقد في شيء.
أهلاً بالعقول الناقدة وليس الألسنة الشتامة والمتطاولة والمروجة للبذاءات والأكاذيب.
د. عبدالواحد الحميد
جريدة الجزيرة
جميع المجتمعات، حتى تلك التي تتمتع بمستويات قصوى من الحرية الفكرية، أذهلتها جرأة الممارسة الإعلامية الشعبية التي قد لا تكون في أحيان كثيرة منضبطة بأي قيود أخلاقية وبأي إحساس من المسؤولية، وانشغلت هذه المجتمعات في نقاشات عما يمكن فعله للتعامل مع هذه الظواهر الجديدة التي غزت العالم، والتي كان علماء المستقبليات مثل «ألفين توفلر» صاحب كتاب «صدمة المستقبل» قد توقعوها، وإن كان بدرجات مختلفة.
صار العالم، ونحن جزءٌ منه، يتعايش الآن مع ظاهرة الإعلام الجديد بأشكاله المختلفة. ولم يعد أمراً كارثياً أن يتخفى أحدُ الناس ويكتب باسم مستعار كلاماً كاذباً وغير لائق بحق شخص أو أشخاص أو قبيلة أو عائلة. فإن يُنْشَر في موقعٍ ما كلامٌ عن فلان أو علان لا يعني أن هذا الكلام صحيح سواء كان مديحاً أو ذماً، وبالتالي فليس ثمة مشكلة كبيرة في أن يتطاول شخصٌ مجهول على إنسان آخر بريء أو يفعل العكس ويمدحه بما ليس فيه.
الزمن كفيل بتوضيح كل شيء وبإصلاح كل شيء، وليس لأحد قداسة أو هو معصوم. وبالمجمل فقد انتهى ذلك الزمان الذي كان فيه للكلمة «المكتوبة» كامل المصداقية لمجرد أنها مطبوعة في كتاب أو في جريدة أو مجلة.
الجانب الجميل والمشرق في كل هذا الذي يحدث على الساحة الإعلامية والثقافية هو بروز عقول ناقدة تفكر وتتساءل ولا تأخذ الأمور على علاتها، وهذا ما كنا نتطلع إليه منذ زمن بعيد. تفجير الأسئلة، وتأمل الأجوبة، وعرضها على العقل، وتقليبها، ومقارنتها بالأجوبة الأخرى هو الخطوة الأولى والضرورية للتقدم.
لقد منح اللهُ الإنسانَ العقل وأمره بأن يستخدمه لا أن يحتقره ويُهَوِّن من شأنه. وممارسة النقد هي ظاهرة صحية تستجيب لما هو مطلوب من الإنسان وما هو مكلفٌ به، أما الشتم والتطاول وترويج البذاءات والأكاذيب فليس من النقد في شيء.
أهلاً بالعقول الناقدة وليس الألسنة الشتامة والمتطاولة والمروجة للبذاءات والأكاذيب.
د. عبدالواحد الحميد
جريدة الجزيرة