صالح الشهوان
بين كثير من مجالات الدعم الحكومي وشبكات الأمان الاجتماعي علاقة عضوية تكاد تشكّل من الاثنين نسيجاً واحداً.. فإذا كانت شبكات الأمان الاجتماعي تستهدف تحقيق الاستقرار الاجتماعي بالحد من انتشار الفقر والبطالة، فإن المعبر عنها يتمثل في مصادر التحويلات المالية المباشرة وغير المباشرة التي تمنحها الدولة كإعانات؛ للحفاظ على مستويات المعيشة الكريمة لمواطنيها وفق آليات تتمثل في المملكة بالضمان الاجتماعي ودعم السلع الأساسية والخدمات العامة كالصحة والتعليم وتوفير المياه والكهرباء والوقود، وتمويل بعض الأنشطة الاجتماعية من بنك التسليف ونظامَي حافز ونطاقات وقروض صناديق التنمية (العقاري والصناعي والزراعي).
وغالبا ما يُثار الجدل في جدوى الدعم من قِبل المنظمات الاقتصادية والمالية الدولية بدعوى ضرورة تحرير السوق لزيادة النمو والقدرة التنافسية في الاقتصادات النامية والناهضة. غير أنه جدل يعمد إلى التملُّص من التمييز بين أنواع الدعم وظروفه، والنظر إليه وبما يتسم بازدواجية المعايير في تقرير ضروراته والانحياز في الغالب لمصلحة الدول الصناعية المتقدمة. فالولايات المتحدة ـــ مثلاً ـــ تبيح لنفسها دعم قمحها ومحصولها الزراعي وفولاذها ومنتجات صناعية أخرى، وفوق ذلك تحجب 100 صناعة عن العالم بقرار من الرئيس أوباما نفسه.. لكنها في الوقت ذاته تضغط كثيراً على الدول النامية لنزع الغطاء عن شبكات الأمان الاجتماعي بإلغاء الدعم الحكومي المقدم للمواطنين وللصناعات الناشئة عندها فيما تكشف التجارب الاقتصادية، ولا سيما الحديثة منها، كما هو الحال خلال هذه الأزمة الاقتصادية العالمية، كيف تم تقديم الإعانات المالية الحكومية الضخمة للمصارف وللصناعات والشركات، مثل شركة جنرال موتورز، في محاولة إنقاذها من الانهيار، فضلاً عن أنواع الدعم الذي تقدمه الدول المتقدمة للحفاظ على مستويات المعيشة لمواطنيها، في برامج الضمان الاجتماعي، كتقديم معونة الدخل وتوفير السكن، ونظام الضمان الصحي والتعليمي في بريطانيا والسويد وبقية الدول الأوروبية، إضافة إلى دعم صناعاتها وحماية منتجاتها.
أما بالنسبة للمملكة، حيث يبرز الجدل أيضاً في اقتراحات أخرى، مثل استبدال الدعم الحكومي بمنح المواطنين "المال" الذي يعادله لتحرير الاقتصاد الوطني من الإدمان على الدعم، فسيظل مثل هذا الاقتراح لا يضمن هدر فرصة استثمار المال وتبديده بالاستهلاك، لكن يبقي أن الأكثر أهمية، في هذا الصدد هو أن هناك مجالات للدعم الحكومي تقترن بضرورة تنمية الصناعات والتقنيات وبما يسمح باستغلال الميزة النسبية بتوفير الطاقة لها بأسعار مناسبة، تدفع لحين تحسين قدراتها التنافسية في الأسواق؛ ما يعني ترجمة فعلية في اتجاه تنويع القاعدة الاقتصادية التي تؤمّن لنا مواصلة النمو الاقتصادي واستدامة التنمية النوعية اقتصادياً واجتماعياً.
__________________
بين كثير من مجالات الدعم الحكومي وشبكات الأمان الاجتماعي علاقة عضوية تكاد تشكّل من الاثنين نسيجاً واحداً.. فإذا كانت شبكات الأمان الاجتماعي تستهدف تحقيق الاستقرار الاجتماعي بالحد من انتشار الفقر والبطالة، فإن المعبر عنها يتمثل في مصادر التحويلات المالية المباشرة وغير المباشرة التي تمنحها الدولة كإعانات؛ للحفاظ على مستويات المعيشة الكريمة لمواطنيها وفق آليات تتمثل في المملكة بالضمان الاجتماعي ودعم السلع الأساسية والخدمات العامة كالصحة والتعليم وتوفير المياه والكهرباء والوقود، وتمويل بعض الأنشطة الاجتماعية من بنك التسليف ونظامَي حافز ونطاقات وقروض صناديق التنمية (العقاري والصناعي والزراعي).
وغالبا ما يُثار الجدل في جدوى الدعم من قِبل المنظمات الاقتصادية والمالية الدولية بدعوى ضرورة تحرير السوق لزيادة النمو والقدرة التنافسية في الاقتصادات النامية والناهضة. غير أنه جدل يعمد إلى التملُّص من التمييز بين أنواع الدعم وظروفه، والنظر إليه وبما يتسم بازدواجية المعايير في تقرير ضروراته والانحياز في الغالب لمصلحة الدول الصناعية المتقدمة. فالولايات المتحدة ـــ مثلاً ـــ تبيح لنفسها دعم قمحها ومحصولها الزراعي وفولاذها ومنتجات صناعية أخرى، وفوق ذلك تحجب 100 صناعة عن العالم بقرار من الرئيس أوباما نفسه.. لكنها في الوقت ذاته تضغط كثيراً على الدول النامية لنزع الغطاء عن شبكات الأمان الاجتماعي بإلغاء الدعم الحكومي المقدم للمواطنين وللصناعات الناشئة عندها فيما تكشف التجارب الاقتصادية، ولا سيما الحديثة منها، كما هو الحال خلال هذه الأزمة الاقتصادية العالمية، كيف تم تقديم الإعانات المالية الحكومية الضخمة للمصارف وللصناعات والشركات، مثل شركة جنرال موتورز، في محاولة إنقاذها من الانهيار، فضلاً عن أنواع الدعم الذي تقدمه الدول المتقدمة للحفاظ على مستويات المعيشة لمواطنيها، في برامج الضمان الاجتماعي، كتقديم معونة الدخل وتوفير السكن، ونظام الضمان الصحي والتعليمي في بريطانيا والسويد وبقية الدول الأوروبية، إضافة إلى دعم صناعاتها وحماية منتجاتها.
أما بالنسبة للمملكة، حيث يبرز الجدل أيضاً في اقتراحات أخرى، مثل استبدال الدعم الحكومي بمنح المواطنين "المال" الذي يعادله لتحرير الاقتصاد الوطني من الإدمان على الدعم، فسيظل مثل هذا الاقتراح لا يضمن هدر فرصة استثمار المال وتبديده بالاستهلاك، لكن يبقي أن الأكثر أهمية، في هذا الصدد هو أن هناك مجالات للدعم الحكومي تقترن بضرورة تنمية الصناعات والتقنيات وبما يسمح باستغلال الميزة النسبية بتوفير الطاقة لها بأسعار مناسبة، تدفع لحين تحسين قدراتها التنافسية في الأسواق؛ ما يعني ترجمة فعلية في اتجاه تنويع القاعدة الاقتصادية التي تؤمّن لنا مواصلة النمو الاقتصادي واستدامة التنمية النوعية اقتصادياً واجتماعياً.
__________________